Friday, November 23, 2012

عرس الموت !!


تزويج المحكومين عليهم بالإعدام جدلية يناقشها الشارع المحلي بعد أن تمت بالسجون

هناء الخمري ـ الجزيرة توك ـ جدة
زفت فتاة سعودية تبلغ من العمر 15 عاما إلى رجل محكوم بالإعدام بعد أن قرر والدها تزويجها إلى رفيقه في زنزانة الإعدام نفسها. لتنضم هذه الزيجة إلى أنواع الزيجات المستحدثة هذه الأيام ، فيكون من نصيبها مسمى ( زواج القصاص ) .
ونحن في خضم مشاهدة هذه الحادثة أعادت لي الذاكرة رواية الأديب السوداني الطيب صالح ( عرس الزين ) والتي بقدر ماأضحكتنا تفاصيلها قادنا تذكرها إلى مزيج من المشاعر ونحن إزاء قصة مناقضة لها تقابلها تحت عنوان ( عرس الموت ) . تزويح المحكومين عليهم بالإعدام أضحت هذه الأيام جدلية يناقشها الشارع المحلي بعد عدوى انتقالها إلى سجن آخر وبطل آخر يزف إلى ليلة من العمر قبل أن يقاد إلى الموت ."
ونقلت صحيفة (عكاظ) السعودية إن مراسم الزفاف تمت على مرحلتين، الأولى بقاعة أفراح بحضور الأقارب، والأخرى داخل السجن وتقتصر على (العريس) السجين وزملائه السجناء، بالإضافة إلى حفل مصغر أعدته إدارة السجن، قبل انتقال العروسين إلى شقة الخلوة المعدة داخل السجن والمهيأة مسبقا. وأشارت الصحيفة إلى أن عقد القران اشترط تقديم العريس 100 ألف ريال (37 ألف دولار تقريبا) لعروسه لتأمين مستقبلها في حال تنفيذ حكم القصاص ."
 
 
 
عند سؤال أحد المفتين عن الحكم الشرعي في هذا الزواج قال :" أن زواج المحكوم عليه بالقصاص من امرأة جائز وصحيح في حال موافقة المرأة بدون ضغوط حتى لو ترتب عليه مخاطر أو كان القصاص في وقت قريب." هذه القصة كان لها نصيبها من النقاش المحلي حتى أنه بلغ الأزهر وكانت هناك أصوات تستند إلى أدلة وشواهد فقهية تعارض هذه الزيجة . منهم المفكر الاسلامي السعودي نجيب يماني الذي قال :" ما تم في عنبر القتل بزفاف محكوم عليه بالقصاص لا يعتبر شرعياً بل هو من الناحية الفقهية -في رأيي- زواج باطل وسابقة لم تحصل في تاريخنا الإسلامي. وعلى كل المهللين والفرحين بهذا الزواج الرجوع إلى كتب الفقه واستخلاص حكم هذا الزواج منها خاصة أن لدينا قواعد فقهية مستمدة من الكتاب والسنة ولها أدلة وشواهد من الآيات والأحاديث. فسجين الطائف (العريس) حكمه حكم المريض الذي لا يرجى شفاؤه فالشرع له موقف تجاه هذا المريض من ناحية طلاقه وزواجه وميراثه وكافة تصرفاته. ففي حالة المرض المُخوف أقر الفقهاء ببطلان تصرفاته وهذا ينطبق على عريس السجن فالعلة واحدة فما ينطبق على المريض الذي لا يرجى شفاؤه ينطبق على السجين المحكوم عليه بالقصاص في أن جميع تصرفاته لا يعتد بها فالقاعدة الفقهية تنص على أن من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه وأساس هذه القاعدة قوله عليه الصلاة والسلام أن القاتل لا يرث.


ويشرح الفقهاء هذه القاعدة بأن من استعجل الشيء الذي وضع له سبب عام مطرد وطلب الحصول عليه قبل أوانه أي قبل وقت حلول سببه العام ولم يستسلم إلى ذلك السبب الموضوع بل عدل عنه وقصد تحصيل ذلك الشيء بغير ذلك السبب قبل ذلك الأوان عوقب بحرمانه لأنه أفتأت وتجاوز فيكون باستعجاله هذا أقدم على تحصيله بسبب محظور فيعاقب بحرمانه ثمرة عمله التي قصد تحصيله بذلك السبب الخاص المحظور ، حتى ولي أمر الفتاة لا يحق له أن يكون ولياً على ابنته وهو محكوم بالقصاص وورد في القواعد الكبرى لعز الدين عبد السلام 2/401. يشترط في عقود الأنكحة ما لا يشترط في سائر العقود من الألفاظ والأولياء والشهود تمييزاً للنكاح عن السفاح، فسجن الولي لا يعطل ولايته في حد ذاته ولكن حد القصاص يقدح في صحة هذه الولاية. فكل تصرف جر فساداً أو دفع صلاحاً فهو منهي عنه. ماذا سيكون حال الزوجة لو لا سمح الله لم يعفُ أهل القتيل وتم تنفيذ حكم القصاص وكانت حاملاً لأن إدارة السجن مكنت الزوج من زوجته في خلوة شرعية. ماذا سيكون عليه حال الطفل الذي سيولد، كيف سيواجه المجتمع من حوله؟ هل فكرنا فيه وفي مصير هذه الإنسانة البريئة التي ستفقد زوجها وأباها لا سمح الله في حالة عدم العفو عنهما. إن الجريمة كما عرفها الماوردي في الأحكام السلطانية محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير والحد والتعزير هي العقوبة المقدرة شرعاً وهي ذاتها أذى ينزل بالجاني زجراً له، وعندما تتحول السجون إلى دور للترفيه والزواج وتبعاته ينتفى إذن حد الزجر وتصبح في النهاية مطلباً لمن أراد أن يهرب من الحياة الواسعة، فلا نجعل السجن إدارة للترفيه وبالتالي استهانة الناس بعقوبة السجن متعارضة مع مقصد الشارع من هذه العقوبة. وأسأل الله أن يهدي أولياء الدم ويوفقهم للعفو والصلح. "
 
وأيده الكاتب صلاح الدين موضحا :" ليس من شك أن التوسع في رفاهية السجين أو السجينة وتزويجه وإقامة الأفراح له،وتمكينه من الخلوة بعروسه، وما قد يترتب على ذلك من حمل وولادة، ،يذهب بمعاني العقوبة المقررة شرعاً، ويجعل الناس يستخفون بها، أو ينقص معنى الردعوالغلظة فيها، فضلاً عن مشكلة الأبناء الذين يأتون كثمرة لهذا النوع من الزواج، وهليتربى المولود داخل السجن أم خارجه؟ وكيف ستكون حياته والعقد النفسية والآلام التيستصاحبه طوال حياته ؟!?تلك أمور شائكة، لا يقضي بشأنها إلا فتوى شرعية من سماحةالمفتي العام حفظه الله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، أو قرار منالمجلس الأعلى للقضاء، يكون فيه القول الفصل، ويحسم الأمر في كل جوانب هذه القضيةالتي هي من مستجدات الأمور والمشكلات المتجددة للعصر، والتي وسعتها جميعا أحكامالشرع. والله ولي التوفيق ." يبقى أن نضيف أن آخر نتائج هذه الزيجة وهذا الحدث هو أن أسلم أثنين من الأسيويين في السجن ، وأعلنوا دخولهم الإسلام بعد تأثرهم البالغ بهذه الحادثة .. وذلك على ذمة الصحافة المحلية التي نقلت الخبر ."

No comments:

Post a Comment