Thursday, January 1, 2009

المظاهرات في السعودية: اذهب أنت وربك فقاتلا.. إنا ها هنا متبرعون !



لم يتوقف رنين الهواتف ليلة الأحد في السعودية وهي تحمل رسائل تدعوا إلى تسير قوافل الدعاء إلى السماء لأهل غزة.وكذلك فعلت حناجر الأئمة والخطباء في المساجد،وحض المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ العلماء وأئمة المساجد حول أول خطبة للجمعة مرت على العالم الإسلامي بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأن تكون "معتدلة" وأن لا تذهب الأمور للعاطفة والحماسة. جاء حديثه في وقت لم تشهد فيه الأراضي السعودية أي مظاهرات على غرار موجة الخروج التي جاءت تعبيراً عن الغضب الذي اجتاح الخارطة الإسلامية والعربية.وبدوره اعتبر رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية الشيخ صالح اللحيدان أن المظاهرات التي شهدها الشارع العربي ضد غارات إسرائيل على قطاع غزة من قبيل "الفساد في الأرض.. وليست من الصلاح والإصلاح"، لافتاً إلى أن المظاهرات حتى إذا لم تشهد أعمالاً تخريبية "فهي تصد الناس عن ذكر الله، وربما اضطروا إلى أن يحصل منهم عمل تخريبي لم يقصدوه". وأضاف متعجباً: "متى كانت المظاهرات والتجمعات تصلح؟". واصفاً تعبير الجماهير بأنه "استنكار غوغائي، إذ إن علماء النفس وصفوا جمهور المظاهرات بمن لا عقل له" وجاء حديثه وفق ما نشر في
صحيفة الحياة اللندنية .



علماً أن علاقة الدولة السعودية بعلماء الدين علاقة وثيقة خاصة أن الدولة السعودية الأولى نشأت عبر تحالف بين حاكم الدرعية محمد بن آل سعود وبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي تنسب إليه ( الوهابية ) في الفترة الحالية والذي ساهم في قيام الدولة عام 1744 م .



وكان قد أنتقد وزير الخارجية السعودي صاحبة "المبادرة العربية" الأحداث في قطاع غزة وقال أنه ما كانت ستحدث هذه الكارثة الإنسانية لو كان الشعب الفلسطيني يقف خلف قيادة واحدة ورفض الفكرة التي طرحت من قبل ليبيا بسحب المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل ـ التي تتبناها حكومته ـ قائلا أنها ستخدم إسرائيل و معتبراً أنها سلاح بأيديهم رغم أن عمرو موسى على عدم جدواها مع كل هذه الأحداث لكن تضامن مع عدم سحبها وإعطاء فرصة للقيادة الأمريكية الجديدة في التعامل معها.



و تداولت مواقع الإنترنت خبراً مفاده أن طلبة وأساتذة جامعات سعودية يطالبون بحق التظاهر والمسؤولون يرفضون. وقال أستاذ جامعي تحدثت الجزيرة توك معه في اتصال هاتفي من داخل جامعة الملك عبدالعزيز بمدينة جدة وهي أحد الجامعات التي ذكر اسمها في الخبر بعد أن تم إرسال تعميم لهم يمنع الطلاب والأساتذة من الجدالات العقيمة ومن القيام بأي مظاهرة وفقاً لمضمون الخبر المنشور أوضح الدكتور على أثرها أنه لم يسمع بأن هناك دعاوي لإقامة المظاهرات من الطلاب على الأقل في الكلية التي يعمل بها لكنه عرف أن الطلاب قاموا بكتابة عريضة شجب واستنكار وجمع تواقيع تناهض الحرب على غزة لكن لم "ينحدر" الطلاب لمستوى المظاهرات .وعند سؤاله لماذا يعتبرها انحدار قال أن المظاهرات تصرف "شعبوي" ولا يليق بطلاب الجامعة أن يمارسونه في صرحها معتبراً ذلك وجهة نظره الخاصة.





وقال المتحدث الرسمي في وزارة الداخلية في حديث معه أنه لا يملك أي خلفية أن يكون هناك من تقدم بطلب للسماح بالمظاهرة وأوضح أن المظاهرات ممنوعة في المملكة وأنه لا يعرف إذا كان هناك من تقدم أو لم يتقدم .موضحاً أن المظاهرات ما دامت ممنوعة إقامتها أصلاً بالمملكة فمن الطبيعي أنه لن تكون هناك جهة مختصة تستقبل أي طلب وتابع قوله :" دعونا نكون واقعيين فمن غير المنطقي أن نقول أن الخمر ممنوع ثم يأتي شخص ويقول سأسأل من أستطيع أن أراجع لأني بحاجة لشربه !! ما أستطيع أقوله هو أن التظاهر أصلاً ممنوع بموجب الأنظمة وأيضاً لو كان هناك أي محاولة لإقامة تجمعات سيتم منعها". وقد نشرت
صحيفة الرياض تصريحا من وزارة الداخلية في الصفحة الأولى في نهاية العام الماضي اعتبروا فيه أن التظاهرات أعمال مخلّة بالنظام العام والجهات الأمنية ستمنعها.


وانقسمت أراء الكتاب في الصحف المحلية بين من وصف "حركة حماس " بأنها وضعت غزة في مأزق سياسي وإنساني خطير وبين كلمات التضامن والتعاطف مع الأحداث الوحشية التي ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية .

وكانت قد أرسلت مجموعة تطلق على نفسها اسم " تحرير سجناء الرأي العام ودعاة العدل والشورى " وتكونت في الشبكة الاجتماعية في الفيس بوك رسالة إلى لأعضاء تقول فيه بأنه تم استدعاء الدكتور فهد القحطاني والدكتور فهد العريني والدكتور محمد الحربي من قبل وكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية وجرى الحديث والنقاش عن طلب الإذن بالاعتصام احتجاجا على المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق أهل غزة وتم إبلاغهم بالمنع وبعدم الموافقة على الطلب وذكر لهم بأن أنظمة البلاد تحظر هذا النوع من المظاهرات والاعتصام في الأنظمة المحلية وأفاد المسؤول بأنه سوف يزودهم بنص النظام لاحقا وتم توقيعهم بالعلم بمنع إقامة الإعتصام وبناء على ذلك أخطرت المجموعة أعضائها برسائل على البريد بإلغاء مشروع الاعتصام السلمي
  


وقد ذكر علي الدميني الأديب والإعلامي الذي شارك في الحركة الإصلاحية وتم اعتقاله سابقاً في كتاب
"زمن للسجن أزمنة للحرية " عن تجربة المظاهرات في المملكة :" أنه كان قد أقيم مظاهرة عام 67م ضد العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا والأردن،حين رفعت شعار قطع البترول عن أمريكا والدول الغربية الداعمة لإسرائيل. وقد عمت تلك المظاهرات المنطقة الشرقية، والرياض، مما شجع الحكومة على قطع البترول عن الدول الغربية وأمريكا لمدة ثلاثة أشهر.وكان آخر عهد طلابي بالمشاركة في الحركة الجماهيرية، ما اضطلعوا به من إسهام في مظاهرات نكسة حزيران عام 67م، حيث صوت الطلاب بالأغلبية، على مقترح المساهمة في المظاهرات، التي عمّت المنطقة الشرقية، وانظموا لتلك المظاهرة التاريخية التي ساهمت القوى السياسية في تحريكها، انطلاقاً من أرامكو بالظهران حتى مبنى القنصلية الأمريكية، تعبيراً عن رفض الموقف الأمريكي المنحاز للعدو الإسرائيلي.

وقد اعتقلت المباحث عدداً من الطلاب الناشطين حينها ،ومنذ ذلك التاريخ، لم تتحرك المظاهرات أمام مبنى القنصلية، نتيجة للتغيرات الهائلة والسلبية في آن، التي صبغت مظاهر الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، كنتيجة لعوائد الطفرة البترولية التي بدأت منذ عام 74م، فقضت على الطبقة العمالية الناشئة 



وفي ابريل من عام 2002م، كان الغضب على موعد مع التضامن الشعبي مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الأرض المحتلة، فعمت المظاهرات مدن صفوى و القطيف،و زحفت الجماهير بالآلاف إلى موقع القنصلية، للتنديد بإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة.وكانت المظاهرة شديدة العفوية، فلم ترفع لافتة واحدة، ولا هتافاً محدداً، ولم تقدم خطاباً إلى السفير الأمريكي، بل إنها لم تكن تعرف كيف تبدأ ولا كيف تنتهي. وهذا الشكل العفوي نتاج لغياب التجربة والتنظيمات السياسية عن العمل في وسط الجماهير. وقد حرص رجال الأمن على سد الطريق المؤدية إلى بوابة القنصلية،ووقفوا في مواقعهم لمدة ساعة،غير أن الحشود الهائلة القادمة من كل المدن قد استدعت الشرطة إلى قفل الطريق المؤدية إلى الظهران، فاكتفى ألآلاف، فوق الجسور وتحتها، بالوقوف للفرجة على الجماهير المحيطة بحواجز الأسلاك الممتدة حول القنصلية. 

وفي لحظات عاجلة، باغتت الشرطة الجماهير، فهجمت عليهم بالهراوات للتخويف. 



وقد شغل المواطنون من يوم الجمعة وعلى مدى ثلاثة أيام في حملة للتبرعات أطلقها ملك البلاد لإغاثة الشعب الفلسطيني وهي تحمل نفس ملامح التبرع السابق الذي أقيم أيام الانتفاضة وكذلك حملة التبرع التي قدمت لأفغانستان إبان الاجتياح الأمريكي لها وكان التفاعل المادي والمعنوي كبيراً وهو ما تكرر في الأيام الماضية. لكن ذلك لم يمنع صحفياً يعمل في غزة بأن يرسل رسالة على الهاتف النقال لزميلته يشكر فيها من تضامن معهم وطلب الدعاء وقال في نص رسالته أن التبرعات غير مهمة فهي لا تصلهم أصلاً. تستمر هذه التبرعات في وقت أعلنت فيه وكالة الغوث الدولية " الأونروا" التي تعد أكبر جهة تقدم مساعدات وخدمات لغالبية سكان غزة وللاجئين الفلسطينيين عموما أنها بحاجة بصفة عاجلة لمبلغ 34 مليون دولار لمساعدة القطاع .

No comments:

Post a Comment