Wednesday, November 16, 2016

الدول الصغرى و"المأزق الأمني"

16 نوفمبر 2016

صاحب خبر إعلان تصويت "بريكسيت"، أو إعلان خروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي في الصيف الماضي، ردة فعل احتفائية من بعض الأفراد في العالم العربي، اتصفت بالتشفي والتلذذ بخبرٍ يوحي ببداية انكسار الاتحاد. وهذا الموقف، إن نمّ عن شيء، فهو ينم على ضعف في قراءة التاريخ، ونظرة لا تتجاوز موقع القدم لفهم التداعيات السلبية الاقتصادية، والمخرجات الخطيرة لسياسة الانفصال المبنية على الشعبوية، العنصرية وثقافة كره "الآخر"، والتي ستعتاش بها الجزيرة الإنكليزية في العقود المقبلة، ناهيك عن أن هذا الاحتفاء العربي يعكس، للأسف، النظرة العصبوية الضيقة المنتشرة في منطقتنا.
لكن، بعيداً عن قضية "بريكسيت"، لنستكشف أهمية "الاتحادات" أو "المجالس" أو التحالفات السياسية/ العسكرية للدول الصغرى، والتي تتضمن أيضاً "الدويلات". مبدئياً، تعداد السكان في الدول الصغرى لا يتجاوز المليون ونصف المليون، أما الدويلات فهي الدول التي لا يتجاوز التعداد السكاني فيها نصف المليون، وغالباً ما تتمثل في الجزر.
ولد مصطلح "الدول الصغرى" إبّان سقوط الإمبرطورية النمساوية في أوروبا، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. وازداد عدد هذه الدول، بُعيد انهيار الإمبرطوريات والدول الاستعمارية في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، في أعقاب حركات التحرّر الوطنية. وفقاً لقياس البنك الدولي، هناك خمسون دولة "معترف بها" وتصنف دولاً صغيرة؛ مملكة البحرين ودولة قطر منها. ومازال هناك خلاف أكاديمي على تعريف مفهوم الدول الصغرى، فبعضهم يتساءل إذا كانت المساحة والتعداد السكاني كافيين لتصنيف دولٍ بعينها صغرى في النظام العالمي، أم أن نظرة الدولة إلى ذاتها ونظام الحكم الداخلي، إلى جانب دورها الإقليمي والدولي يحدّد إذا كانت تُعتبر من الدول الصغرى صفةً وفعلاً، من منطلق التأثير. لكن، يبدو أن تعداد السكان وقلة الموارد البشرية والمساحة الجغرافية المحدودة تظل من أكثر الصفات التي تطفو على السطح غالباً عند مناقشة تعريف الدولة الصغرى. وقد يتوسّع هذا التعريف، وفقاً للحقل الذي يُدرس فيه المفهوم؛ فالحقل العسكري والأمني، مثلاً، يركّز على افتقار الدول الصغرى للجيش العسكري الهائل، لحمايتها في حالة العدوان والغزو. وفي حقل العلاقات الدولية، يبدو أن مدى واقع سيادة الدولة الكاملة يلعبُ دوراً محورياً في سياق هذا التعريف. ولا يعني مفهوم الدول الصغرى بالضرورة أنها ضعيفة؛ لذلك تسمى هذه الدول أيضاً "القوى الصغرى" انطلاقاً من تأثيرها ومدى فاعلية دورها في المنظومة الدولية.
كان مفهوم القوة (والإمبراطوريات) العظمى المفهوم السائد في بدايات القرن الماضي، وغابت الدولة الصغرى، لأنها كانت قُوت الدول الكبرى التي اعتمدت على التوسّع عبر الانضمام 
"تستفيد بعض الدول الصغرى من موقعها الجيوسياسي والموارد الطبيعية الثمينة"
القسري، وابتلاع مزيد من الأراضي (تتمثل بحدود الدول الصغيرة، اليوم)، لإثبات عظمتها السياسية. سقوط هذه القوى، وانتهاء الحرب الباردة لاحقاً، أديا إلى زيادة أعداد الدول الصغيرة المستقلة، والمعترف بها دولياً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع هذا التزايد وُلد "المأزق الأمني" في حسابات القوى الصغرى. وتنطلق هذه المعضلة من مبدأ مفهوم المدرسة الواقعية للعلاقات الدولية الذي يؤمن بأن النظام الدولي ذو طابع فوضوي وتنافسي، وأن البقاء والاستمرار هو الدافع الأساسي للدول. ويفسر هذا المأزق الإجراءات الدفاعية والتسلح العسكري لدولةٍ ما، مثل مصدر خطر وقلق بالغ لدولة أخرى، ما يخلق حالة التسابق على الهيمنة العسكرية، ويدفع إلى احتمالية الحرب.
طالما شعرت الدول الصغرى بالتهديد من تحوّلات النظام الدولي الذي تهيمن عليه دول ومجموعات بعينها، إلى جانب مخاوفها من أطماع الدول المجاورة الكبرى. وتتعاظم هذه المخاوف مع افتقار الدول الصغرى للمصادر البشرية ومقومات الدفاع عن سيادتها. لذلك، ترغم هذه الدول على تبني إستراتيجيات بديلة، لتحمي ذاتها، مثل الانضمام للاتحادات والتحالفات السياسية أو العسكرية.
نشأت فكرة الاتحاد الأوروبي بُعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، في محاولة لإيجاد سلام دائم في قارةٍ شهدت فيها حروباً دموية لعقود. تم ترويج الاتحاد، بالتركيز على منافع الاعتماد الاقتصادي والتجاري المتبادل والمشترك بين الدول الأعضاء، وأصبح هذا المنطلق أحد أهم الحوافز التي دفعت عجلة تأسيس الاتحاد، والانضمام له، في سبيل ضمان السلام والازدهار المجتمعي، وتجنب النزاعات. لكن أعين الدول الصغرى التي كانت من أكثر المتضرّرين من الحروب والنزاعات كانت معلقةً على حل المعضلة الأمنية، خصوصاً أن هذه الدول تعاني من نقصٍ في الموارد البشرية، لتولي مهمة الدفاع العسكري في حالة انفجار النزاعات. وفور سقوط الحرب الباردة، أصبح الاتحاد وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تأسس في 1949، لمواجهة التوسع العسكري السوفييتي، من البدائل المهمة للدول الصغرى، للحفاظ على البقاء في النظام الدولي. وينطبق الأمر نفسه جزئياً على إنشاء مجلس تعاون دول الخليج العربي الذي ولد ردة فعل لحالة الاضطرابات والتحولات الثورية في الدولة الجارة، إيران، حيث أحدثت الثورة الخمينية حالة أمنية، ومخاوف لدى دول الخليج العربي، ما استدعى تضافر الجهود بين الدول الخليجية لتأسيس المجلس.
إلى جانب العضوية في التكتلات المختلفة، سعت الدول الصغرى إلى تبني استراتيجيات أخرى بديلة، لتأمين احتياجاتها الأمنية، تتمثل في تبني سياسات دبلوماسية نشطة، كالدور الذي قامت 
"الدول الصغرى هي في حاجة لاستمرار تماسك البيت الأوروبي، كونها المظلة الدفاعية التي ستقيها من مغبة العدوان والمأزق الأمني"
به قطر قبيل الربيع العربي، حيث تحولت قطر وسيطاً دبلوماسياً محايداً في النزاعات الدولية، مستفيدة من نفوذها الاقتصادي. وهذه الاستراتيجية قادرة على جعل الدولة الصغرى مرئيةً أكثر، وفعالة، وقد تضمن، ولو نسبياً، الحماية، على أساس القواعد والسلوك الدولي الرافض للعدوان، وانفجار النزاعات والداعي للسلام الدائم والشامل. وقد يشجع هذا الأمر المجتمع الدولي إلى التدخل، لحماية هذه الدولة الصغرى المتضرّرة، والتي طالما كانت فاعلاً رئيسياً في المشهد الدولي، أو عبر تبني مبدأ "الحيادية" في السياسة الخارجية، مثلاً السويد التي تنأى بنفسها عن المشاركة في النزاعات. وفي زمن الحروب، تستمر الدولة المحايدة في علاقاتها مع كل أطراف النزاع وغيرها. لذلك، لم تتعرّض السويد للغزو الدموي، كما تعرض له جيرانها الأوروبيون. ومع ذلك، لا يمنح هذا المبدأ ضمانةً لتجنب التهديد الأمني التام. لذلك، اضطرت السويد، في الحرب العالمية الثانية، إلى أن تقدّم نوعاً من التنازلات لدول المحور، ما أدى إلى إحداث جدل حول سلامة موقف الحياد.
تستفيد بعض الدول الصغرى من موقعها الجيوسياسي والموارد الطبيعية الثمينة، كالنفط والغاز اللذين تحتاج إليهما الدول لضمان سلامتها وأمنها. وتمثل هذه طريقةً مثلى لإقناع التحالفات، أو القوى العظمى، بمنح الدولة الصغرى اتفاقيات حماية أمنية خاصة، عبر القواعد العسكرية، أو شراء معدات حربية. ولهذا السبب، تسعى هذه الدول والدويلات إلى "مسايرة ركب" الدولة المهيمنة لضمان أمنها وسلامتها.
ستدفع المملكة المتحدة ضريبةً، وستتضرّر، بشكل أو بآخر، من قرار خروجها من الاتحاد الأوروبي. لكن، لابد من الاعتراف بأن بريطانيا مازالت تحظى بامتيازاتٍ، لاعتبارها دولة ذات ثقل سياسي وعسكري دولي، ما يجعل وضعها يختلف، بالمقارنة مع وضع الدول الصغرى في الاتحاد الأوروبي والتحالفات الأخرى. الدول الصغرى هي في حاجة لاستمرار تماسك البيت الأوروبي، كونها المظلة الدفاعية التي ستقيها من مغبة العدوان والمأزق الأمني.


Thursday, July 7, 2016

"الأمننة" الغائبة عن اليمن

هناء الخمري

7 يوليو 2016

لطالما حظيت قضايا بعينها باهتمام عالمي كثير، في حين يتم تجاهل قضايا أخرى، على الرغم من أن كثيراً من هذه القضايا والأزمات الأخرى التي يتم التغاضي عنها لا تقلّ أهمية عن سواها. على سبيل المثال، ما زال النزاع في اليمن يُجابه بتجاهلٍ وتغييب من الأجندة الدولية، على الرغم من الخسائر والكوارث الإنسانية التي خلفتها الحرب، بعد أكثر من عام على انفجارها. يحثّنا هذا التغييب المتعمد للنزاع الجاري في اليمن، على المستويين، الإعلامي والسياسي، على محاولة فهم منطق صناع القرار في صياغة الأولويات والأجندة الدولية.
بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى قبل نهاية الحرب البادرة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية في بداية تسعينيات القرن الماضي، كان العالم يرزح تحت رحمة القوة العسكرية الهائلة التي امتلكها القطبان، الشرقي والغربي. وبناءً عليها، كان المعسكران، بنظامي الحكم السياسي المختلف (الاشتراكي والرأسمالي)، يصوغان العالم ويجبرانه على التعايش مع أولوياتهما السياسية والاقتصادية، كما أنهما كانا يفرضان على بقية الدول، الصغيرة مساحةً وسكاناً، وبالتالي الأقل تأثيراً، اختيار دعم أحد القطبين. وفي المقابل، يحصل الداعمون على الحماية العسكرية والتمويل الاقتصادي.
لكن، منذ انتهاء الحرب البادرة بدون انفجار نزاع عسكري حتمي، كما تنبأ مفكّرون كثيرون، ورجوح كفة أتباع المذهب الواقعي في دراسات العلاقات الدولية والذين يؤمنون بأهمية وجود دولة عظمى أحادية مركزية، تفرض ولو نسبياً إرادتها على الكل. وبولادة النظام الرأسمالي الأميركي، كالدولة المهيمنة الوحيده التي منحت الضمانة، وفقاً للواقعيين، بعدم غرق العالم في الفوضى المطلقة. لذلك، سعى المفكرون والباحثون/ات، بعد الحرب الباردة، إلى شرح المنطق الذي يستدعي الدول لإنتقاء إيلاء بعض الأزمات الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية والنزاعات كل الاهتمام اللازم، وتجاهل بعض الأزمات الأخرى. لذلك، جاءت مدرسة كوبنهاغن للدراسات الأمنية في تسعينيات القرن الماضي، لتقدّم للعالم مفهوم "الأمننة"، في محاولة لشرح منطق الأولويات في الأجندة الدولية.
من الصعب إيجاد إجابة واحدة شافية لأسباب التجاهل الدولي للحرب الجارية في اليمن، عدا عن إهمال السياسيين الإشارة إلى الأزمات الإنسانية التي خلفتها، وما زالت تخلفها الحرب على الأفراد، وعلى البنية التحتية. لكن، ثمة في نظرية "الأمننة" القدرة على تفسير الموقف الدولي جزئياً. ظهر هذا المفهوم وانتشر في أعقاب نهاية الحرب الباردة، ليوسّع من المفهوم التقليدي الأمني الذي ارتبط عقوداً بالقوة العسكرية. أشركت "الأمننة" قطاعاتٍ أخرى (السياسة، والاقتصاد، والمجتمع والبيئة وحتى الصحة أحياناً) كجزء من المفهوم الأمني، واعتبرت وفقاً لأستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن، باري بوزان، أن أيّ تهديدٍ يُمس، أو يُستشعر، في هذه المجالات، وفقاً لمعايير محدّدة، كافية بأن تحولها إلى قضية أمنية.
فتح هذا المنظور الأبواب للمطالبة "بأمننة" قضايا مختلفة، حتى تحظى باهتمام وعلاج كامل وفوري. تنوعت هذه القضايا، على سبيل المثال، بين أمننة مرض/ مرضى الإيدز إلى أمننة اندماج المقاتلين السابقين في مرحلة ما بعد النزاعات. لا يُنظر إلى الحرب التي تدور في اليمن دولياً من منظور حربٍ تستدعي "أمننة"، أو التعامل معها بوصفها قضيةً أمنية، تهدّد الأمن الدولي. لم تفرغ الأزمة في اليمن حتى الآن إرهابيين، يهدّدون المصالح الغربية في عقر ديارهم. خلف الصراع في اليمن الآلاف من المشتتين والمشردين في الداخل، لكن الجغرافيا اليمنية لا تفسح المجال لتوافد فوج من اللاجئين الهاربين من الحرب، لعبور الحدود الأمنية، واللجوء إلى القارة الأوروبية أو الأميركية.
غياب هذه الوقائع يجعل من النزاع اليمني قضيةً لا تستدعي "الأمننة". وبالتالي، لا تحظى بالاهتمام الفعلي، على عكس النزاع في سورية حالياً. ووفقاً لقراءة مفهوم الأمننة، ستكون الحرب في اليمن مغيبةً عن الأجندة الدولية الطارئة، حتى تحل كوارث أمنية مختومة بختم الحرب اليمنية؛ حينها فقط سيُعاد ترتيب الأوراق، وستعقد الجلسات الدولية الطارئة لإيجاد مخرج فوري من الحرب، وتجنب مخرجاتها العابرة للقارات، والمستفيدة من تسهيلات العولمة. لكن الخوف، ثم الخوف، أن يحدث ذلك بعد فوات الأوان.

Thursday, June 9, 2016

Saudi Sunni and Shia Family Switched Boys at Birth!

Yesterday, Saudi Arabia caught in a debate around an episode of the TV-series "Selfie", airing on the Saudi-owned channel, MBC.

The episode labelled, On Your Sect, portrays a story of an accidental swap between two Saudi baby boys at the hospital's maternity ward. A "supposedly" Shia born boy grew up as a son of a "Sunni" family and a Sunni born boy grew up as a son of a "Shia" family. The incident revealed to both families many years later when the hospital invites them and disclose that their boys were not their own biological children. Thereafter, we follow the difficult moments of realising that their children were not only switched at birth but they were also indoctrinated into different sects.





The story is an excellent and humorist that managed to address with intelligent and sensitivity the precarious sectarian topic in the Kingdom of Saudi Arabia.

This episode reminded me of the teacher of Monotheism subject in my public Saudi School, who constantly denounced Shia sect followers and their practices. I hope this fiction based story will encourage my former teacher and the leaders of both denominations to learn to put themselves in other people shoes and humanise their differences not politicised. 

Friday, May 27, 2016

An Attempt to Go Beyond Stereotypes





When I moved to Sweden, I thought I had left my political and social struggle behind me for a while, only to realise that a new battle is waiting for me in Sweden: the fight against misconceptions about Arab Women. In Swedish and Western media outlets alike, I, as an Arab Woman of Yemeni nationality and Saudi upbringing, am often portrayed as a victim of the Islamic law, a victim of misogyny, oppressed, and powerless woman. These stereotypical images used to push me to the corner in formal and informal meetings, where I had to explain over and over again the complexity of the local context of women’s conditions, as well as different factors which interplay in forming women’s status.

I am not in a state of denial about the bleak situation for women in my region, but I strive to deconstruct the simplified binary of victim or rebellious image. I seek to claim my story, present my narrative of the struggle, and shed light on my definition and method to combat violations of girls’ and women’s rights.

Now again, I sit in the corner of the public eye as the negative perceptions persist and appear on the surface again, with the screening of the Yemeni movie "I Am Nojoom, Age 10 and Divorced" in Sweden. The Movie, directed by award-winning Yemeni filmmaker Khadija Al Salami, depicts the story of the heroin young girl of 10 who went to the court asking for a divorce from her elder husband. The movie “Nojoom”, based on a true story of the child Nojood, who were married off in a traditional arranged marriage at a very young age. The story portrays the cycle of physical and sexual abuse that the young girl had to endure, and takes us into the dramatic scenes of the courtroom. Nojood's determination for divorce in 2008 caught international attention to the issue of early marriage in Yemen. It has been eight years since the story of Nojood broke through globally, yet the situation for young girls in Yemen is far from improving, and the general living conditions for Yemenis aggravated by a devastating war that has been raging since last year. Prior to the current war, nearly half of the Yemenis lived below the poverty line of ($2 a day). Currently, 80% of the Yemeni population are at the edge of starvation according to UN reports. The country is in desperate need of food, clean water and medical supplies.

Swedish media coverage of the complexity of child marriage at the backdrop of the film screening did not exceed a mere simplification and reproduction of the same limited perceptions on Yemen and Yemeni women. I scrutinised all articles and news pieces which have been published about the movie during last week in the Swedish press. The central dominant themes in the articles are the following: “oppressed,” “a patriarchal tribal society”, “women are a commodity”, “obedience”, “female emancipation”, “sex and domestic slaves”, stone age habit”, and “segregated society”. The problem with these types of statement that it only confirms the writers' pre-set conceptions about girls and women in the Yemeni society. Moreover, it looks at the social phenomenon of early marriage in Yemen from a Western standard, disregarding the local context and the causes. Hence, it fails to address its degree of complexity and encourage responsibility. These various complexities presented in Salami’s movie, but Swedish writers have chosen to overlook them.

The 2005-study based research on “the Early Marriage in Yemen”, by the Gender Development Research and Studies Center at Sana’a University, concludes that poverty causes the widespread of "child-bride" phenomenon in Yemen. Limited resources often play a critical role in driving families to marry off their daughters to alleviate economic burdens. For instance, dowry which is money or other material gifts are given to the bride and her family by the groom before marriage is considered a source of mitigating economic hardship. Some parents’ decide to marry off daughter simply because of hunger, hoping that the family-in-law could feed their daughters.
Furthermore, Illiteracy rate in Yemen is high, which indicates the fact that many girls are out of school because poor parents are not able to afford education cost. Illiteracy breeds ignorance. Therefore, ignorant men who marry young girls do not reflect on the marriage’s negative impact on the girls' emotional and physical developments. 
The central government in Yemen has always been weak and failed to deliver services to its people, and this forces the population to develop their survival mechanisms, marrying off girls being one of them, alas. Lastly, the neighbouring country Saudi Arabia has been exporting its puritanical version of Islam to the Yemeni society, which justifies the social phenomenon of child marriage. Paradoxically, Saudi Arabia, which is known for shackling Saudi women with rules that prevent them from travelling free and driving cars, have a low rate of early marriage in compassion to Yemen. Instead, the local media in Saudi Arabia speaks of the increasing number of single women in society. This drop in child brides attributed to the oil-based economic system which gives women access to free education and limited job opportunities. The case of Saudi Arabia confirms that strong state's economy-among other reasons- play a role in decreasing the phenomenon of child-bride. 
In Yemen, it is shameful for a breadwinner to admit failure to feed his kids; instead, the decision to marry off a daughter is rationalised by associating in it to tradition, tribal custom and to preserving the girl’s moral virtue.

Before the fall of the Berlin Wall, Yemen was divided into The Yemen Arab Republic, (North Yemen) and The People's Democratic Republic of Yemen, (South Yemen). In the latter, women enjoyed a unique family law of 1974, which stipulated provisions benefiting women. Such as bride’s consent to marriage, a minimum age for marriage (18 for men and 16 for women), a woman’s right to apply for divorce, and woman’s right to the custody of her children. If the former South Yemen were able to adopt and enforce the family law which was unique for its time and context, then there would be room for change if there were a political will and appropriate economic conditions for empowering girls and women.

I am aware that war and poverty are bizarre to grasp for Swedes who enjoy a peaceful country and economic prosperity. Hence, it easier to watch the “Nojoom” movie and jump to the conclusion of oppressed women in a patriarchal and misogynist society. Understanding the early marriage phenomenon requires an understanding of the causes and dealing with them, not reinforcing the prevailing misconception on girls and women in Yemen, which will lead to nothing but perpetuating stereotypes.

Hana Al-Khamri
Yemeni Writer on Saudi Arabia and Yemen with a background in Journalism and Peace and Conflict Studies. The founder of political and culture platform The Yemeni Salon in Sweden.
 Follow: @hanaalkhamri


Wednesday, May 25, 2016

إلى اليمنيات في مفاوضات الكويت

هناء الخمري

أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، وهو الوسيط في محادثات السلام اليمنية الجارية في الكويت، والتي بدأت رسمياً في الثامن عشر من إبريل/ نيسان الفائت، أن سبع نساء يمنيات وصلن إلى الكويت للمشاركة في هذه المحادثات المتعثرة. وذلك بعد أكثر من أسبوعين من تعنت أطراف النزاع في إيجاد مخرج للحرب الدائرة في اليمن، والمستمرة منذ أكثر من عام، وتسببت، وما زالت، بكوارث إنسانية ومادية ودمار للبنى التحتية، ووضعت البلاد على حافة مجاعة إنسانية. ومثل غيره من أخبار الحرب والسلم في اليمن، أحدث خبر مشاركة النساء اليمنيات الضجيج في أوساط اليمنيين، بين مؤيدٍ ومستخفٍّ ومشككٍ في فعالية دورهن في العملية المعقدة بأبعادها المحلية والإقليمية. لكن، بعيداً عن الضجيج وطحينه، يتطلب الأمر نظرة ناقدة وواعية، بحيث ينتج عن إشراك هؤلاء النسوة دور ضاغط ودافع نحو "السلام" الفوري.

ليست المشاركة النسائية في محادثات الكويت دعوة عفوية، بل هي تطبيق لقراري مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن و2122، واللذين يطالبان بإشراك المرأة "عنصراً فاعلاً في منع نشوب النزاعات، وإيجاد حلول لها، بالإضافة إلى دورها في مفاوضات السلام، بناء السلام وحفظ السلام". وقد انتزعت هذه القرارات من مجلس الأمن، بعد حملات تعبئة من الحراك النسوي الدولي، فبالتالي، ليست هذه المشاركة تفضلاً من الأمم المتحدة وأطراف النزاع، بل هي حق للمرأة. 

على الرغم من إعلان تبني هذه القرارات الدولية، منذ تسعينات القرن الماضي، إلا أن المرأة مازلت تواجه تحديات كثيرة في زمن الحروب وعمليات السلام والأمن. ومن أكبر هذه التحديات التي تعيق إيجاد المرأة دوراً مؤثراً لها في سبيل السلم، هو اختصارهن المتكرّر في صورة المستضعفة، العاجزة عن التهديد، و"الضحية". ولا يتجلى هذا التصوير فقط في فترة النزاعات العسكرية، بل حتى في زمن ما بعد النزاع. وعلى الرغم من حقيقة هذا التصوير، من حيث سقوط نساءٍ كثيرات وأسرهن ضحايا لتداعيات الحرب ووحشيتها، إلا أن التكرار المستمر لهذه الصورة تضرّ أكثر مما تنفع، لأن المؤسسات الدولية والإقليمية، وحتى المحلية، بوعي أو بدونه، تسقط في فخ الصورة النمطية. وبالتالي، لا تأخذ دور المرأة على محمل الجد، خصوصاً في مفاوضات السلام، لأنها لا تتجاوز أن تكون الضحية التي تحتاج للرعاية والحماية. وبما أن صناع الحروب هم غالباً رجال، ووسطاء السلام غالباً ما يكونون رجالاً أيضاً، يتم استدعاء مشاركة المرأة في عمليات السلام في مراحل متأخرة ومعقدة من المحادثات، وبذلك تصبح قدرتهن (النساء) على التأثير ضئيلة، إن لم تكن مستحيلة. وقد أثبتت ذلك دراسات بحثية متعددة، حيث ينتقد المراقبون والمراقبات العادة السيئة في تغييب إشراك المرأة وتأجيله، ي مراحل مبكرة من مفاوضات السلام، ما يؤدي إلى اعتبار مشاركة الرأي العام المتأخرة مجرد ورقة لحفظ ماء الوجه الدولي وقرارت مجلس الأمن الملزمة. لكن هذا لا يعني أن النساء لن، ولم، يكونوا قادرين على قلب معادلة الحرب، والدفع بعجلة السلم عبر السنوات الأخيرة، بل على العكس؛ يمكن أن يحدث ذلك، كما قد حدث في النموذج الليبيري (ليبيريا) في القارة الإفريقية، حيث كان للنساء دور تاريخي في تغيير مسار العنف، وإجبار المتنازعين على الإنهاء الفوري للقتال. ويجب استذكار هذا النموذج الناجح بعد حرب أهلية طاحنة، ويُستلهم، مرجعية عمل وإعادة تطبيق لبعض جوانبه.

أعي تماماً أن النسوة اليمنيات المشاركات يأتين من خلفيات سياسية ومدنية مختلفة، لكن الرابط 

"يجب استذكار النموذج الليبيري الناجح بعد حرب أهلية طاحنة، ويُستلهم، مرجعية عمل" المشترك، والذي تمت على أساسه دعوتهن، هو النوع الاجتماعي: امرأة. هوية المرأة هي الأساس الذي تنطلق منه هذه المشاركة. ولذلك، من المهم التركيز على محورين أساسيين، السلام وحقوق المرأة. أما في سبيل المحور الأول، فيتطلب من المشاركات أن يضعن حقائبهن السياسية، ومواقفهن من الخصوم، جانباً في هذه المرحلة الدقيقة، وأن يكون الهدف الوحيد الذي ينشدن تحقيقه هو "السلام" فقط. بمعنى توقيع اتفاقيةٍ ملزمة، لإنهاء الاقتتال والالتزام بوقف فوري لإطلاق النار. السعي إلى انتزاع هذا السلام "المحدّد" واقعي، وذو أهمية عالية في هذه المرحلة. لذلك، لا بد من الاصطفاف خلف هذا الهدف. وغني عن القول إن هذا هو أكثر ما يحتاجه اليمن، في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه، وفي ظل معاناة اليمنيين اليومية.

.. لكَوني امرأة، مشاركتكن تمثلني، سواء خُيرت أو لم أختر، أو سواء أتفق مع حمولتكن الاجتماعية والسياسية، أو أختلف معها. لذلك، من المهم أن لا تتحول داعيات سلام إلى جزء من المشكلة نفسها، ويدخلن في المفاوضات السياسية في هذه المرحلة، ويتلوثن بمنطق الحرب. والأهم أن لا تختلفوا على أسس عقائدية ودغمائية، وأن يكون ولاؤكم الأول والأخير هو الإنسان اليمني الذي انتهكت إنسانيته بكل الأشكال من مافيا الحرب. وللوصول إلى ذلك البر، لابدّ من تضافر جهودكم، لتبني أساليب ضغط مباشرة على أطراف النزاع، وإن تطلب الأمر منع الخصوم من الخروج من بوابة غرف الاجتماع إلا بوثيقةٍ تُلزم بإنهاء العداء، كما فعلت النساء في ليبيريا. لابد من تبني الفعل المباشر الذي يتجاوز الجلوس على المقاعد واحتساء الشاي، بينما تسيل الدماء. لا يحتمل اليمن مزيداً من العرائض التي أنهكت أرواحنا، ونحن نُوقِعها، ولا أمل لنا في سياسيين يقتاتون ويبنون عروشهم من الموت. هذه فرصتكن التاريخية في تفكيك صورة الضحية التي تستجدي الرحمة من مليشيات الحرب، ومن حكومةٍ غير مسؤولة، وتضغطُ في سبيل السلم بأساليب وطرق مدنية فعالة وخلاقة. سيتجاوز تأثير الدور الذي ستقمن به في الكويت إلى ما بعد النزاع، وسيُحدث فرصةً لمشاركةٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ متكافئة للمرأة اليمنية. وبذلك، تخدمن المحور الثاني من المهمة. 

أرجوكن، لا تجعلن من محادثات (أو مفاوضات) الكويت محطةً لترسيخ الصورة النمطية عن المرأة "المسكينة"، بل فرصة لتفكيكها، وإعادة تركيب صورةٍ عن ذواتكن، تستندن بها للدفاع عن حقوقكن في المستقبل. في سبيلنا، حاولوا، ولو قليلاً، أن تنتزعن الحق من أجل الحياة من ثغر آلة "الموت". إذا منحتمونا هذا الوعد، أعدكن، في المقابل، أن أعتصم خلفكن، ومن أجلكن، برفقة نساء يمنيات من كل حدب وصوب، داعمين مهمتكن في منح اليمن فرصة الأمل في السلام.



Wednesday, April 27, 2016

Sweden: A Handshake with Democracy




 The controversy caused by the former Green Party politician Yasri Khan, who chose another form of greeting a female Swedish reporter over the common handshake, is sweeping the country with resentment and subtle racist comments.
This is understandable in a country that prides itself on gender equity like Sweden. Swedes see in Khan’s refusal to shake hands with a woman a serious threat to the equality between the sexes that they worked hard to achieve. For them, this refusal is an act of disrespect to women and a separatist behavior, however, there are more pressing questions that need to be answered once the waves of anger have subsided leaving a place to a more objective and calmer analysis of the situation. 
One is tempted to ask whether this reaction stems from a prejudiced viewpoint of Muslims and Islam in general. A viewpoint that sees that being a Muslim (or a religious person) means by default carrying anti-equality and misogynistic views and therefore the act of the religious Green politician has only confirmed to the public the pre-set stereotypes about a segment of the Swedish society. This opinion was affirmed when I asked some of my Swedish friends on their reaction if it were a woman who refused to shake hands with a male reporter. They responded that they would have thought she was a victim! This indicates that Muslims are often caught in the dichotomy of oppressor-victim.

Feminist scholarship has often warned against this naïve presumption that eliminates the cultural differences and the complexities that characterize human societies. Western Liberal Feminism is by no means the sole grid of evaluation by which a certain society is deemed egalitarian or not. Understanding this fact in the 21st century is paramount to dissolving barriers that are still erect in many so-called modern democracies in the world.

This mixture of emotional, stereotypical and even populist discourses has blocked the most important discussion, which is the question of democracy and minority rights to perform in the different political platforms.

If a Green politician states that global warming is not real or that shaking hands with a person of the different sex is polluting, we would then have an issue of conflicting principles with the political party. Dismissing this politician becomes necessary because their views harm the party’s ideology.
If, on the other hand, a person be it a man or a woman, Green or otherwise chooses a certain form of greeting others because it is their way to get closer to their god, then we need to ask ourselves whether we are pushing minority groups to the margin by denying them the right to practice their faith under the law of a democratic state.

It is often difficult to listen to the voice of reason when we are caught in a whirlwind of emotional and populist discourse. The Swedish debate should shift its focus to a debate around the model of democracy best suited to an era of multiculturalism and diversity. Democracy is not about casting a vote in a ballot box, it is rather a daily practice. The handshake incident cast a shadow on latent issues such as that of post-immigrant Sweden and most importantly on minority rights to pursue a political career. How we deal with politicians from minority backgrounds in the political arena is an essential question in this millennium.
Some aspects of the current debate and the dimensions they took may be pushing the society to the "classical" democracy model in which the majority dictates on the minority its set of views and values. This model poses a problem when the minority aims for political leadership. They are often met with reservation and even rejection because they possess personal religious values that differ from mainstream thinking.
An alternative to this model is the “deep” democracy in which the voice of the minority is heard and processed and both majority and minority voices are equally valued.
Political actors are aware of the many other different models, and adopting a specific model may not be the solution, but Sweden, which has a short history of migration and is undergoing a state of confusion with new diverse norms brought by the waves of migration, needs to activate its political imagination to find solutions to the current challenges which are facing its post-modern society. Maybe we should start thinking of democracy as an ongoing process rather than an end-result that keeps eluding us.

In the light of this incident the Swedish PM Stefan Löfven declared " In Sweden, we shake hands with both men and women", perhaps it is high time to shake the mind and change the motto to, In Sweden, we shake hands with both majority and minority through democratic and inclusive processes.



Hana Al-Khamri, a Yemeni writer and the founder of The Yemeni Salon in Sweden.
Chahrazad Abdelrim, An Algerian teacher and doctoral student on Postcolonial Literature.



Sunday, March 20, 2016

أول راقصة بالية من اليمن الجنوبي سابقاَ

من مجلة المرأة السوفيتية



هناء الخمري
على الرغم من التاريخ الدموي السياسي في جنوب اليمن، إلا أن الكثير من اليمنيون يعترفون بفرادة تاريخ  الجنوب تحت ظل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كانت عاصمتها عدن. هذه الفرادة تمثلت في منح المواطنين حقوقهم الإجتماعية، على حساب الحقوق السياسية. هذه الحقوق تمثلت على سبيل المثال في التعليم الإلزامي وفرض المساواة بين الرجل والمرأة.
إلى جانب الإحتفاء بالحقوق الإجتماعية، كانت الأجواء في الجنوب وخاصة في عدن مشجعه على العمل الثقافي، بكافة أنواعه. استلهم الجنوب وقتها الحراك الثقافي السوفيتي لخلق شخصيته الإشتراكية واليمنية في أن معاً. لذلك انفتح الجنوب على أفق ثقافية راحبة. هذه الأفق سمحت بولادة حراك ثقافي متميز عن اقراناه في الجزيرة العربية وحتى الدولة الشقيقة المنفصلة والمجاورة له، الجمهورية العربية اليمنية انذاك.
الأن وقد سقط الإتحاد السوفيتي منذ أكثر من عشرين عاماً، وأندمج اليمنيين ليَخلُق يمناً واحد عنون كالجمهورية اليمنية، إلا أن ذاكرة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الجنوبية تأبى وأن تعود بنا إلى صفحات الماضي. وهذه المرة تأخذنا أول راقصة بالية يمنية إلى أزقة تلك المرحلة. وتروي لنا كيف أن اليمن اليوم الذي يخجل من فن الرقص خاصة عندما تؤديه إمرأة، قد أفتتحت في الماضي مدارس للفنون الجميلة وابتعثت طلاب وطالبات على قدم سواء لإحتراف الرقص الشعبي والعالمي.
أنيسة أنيس عباس تسذكر طفولتها مع طلقات النضال ضد الإستعمار البريطاني للجنوب الذي امتد أكثر من 100 عام. كانت هناك في عدن المدينة التي لا تشبه أي شيء. كما تصفها " أتذكر جدتي وهي تأوي المقاتلين الأحرار في البيت عندنا". كان 1967 موعدنا للإحتفال بميلاد الدولة الجديدة. كانت أنيسة الطفلة ذات خطى حثيثة نحو الشمس.
"الرقص كان ولازال ملاذي ، هي بوصلتي لمعرفة اليمن ولإكتشاف التنوع اليمني الثري". أنيسة التي انتقلت للسويد وبريطانيا منذ تسعينات القرن الماضي مازال قلبها ينبض يمنياً" الإغتراب لدواعي التعليم والأسرة كان جزء من الخارطة التي رسمت حياتها، اتساءل كيف أثر ذلك عليها.. تتأمل البعيد مستدعية صورة من أرشيف الجنوب لتقول "سمعت صوت الرصاص قبل صوت الطبل في الجنوب... الإطياف الإشتراكية المتناحرة كانت تتقاتل فوق سقف بيتنا، كان بيتنا في المنصورة على مرمى الرصاص في عدن. لذلك أعتدت حالة الإضطرار ولإنتقال من منطقة لأخرى ومن مدينة لأخرى."
أنيسة كبرت في بيت يحب الموسيقى، أصطحبها والدها للمهرجانات الموسيقية وحفلات رأس السنة في عدن. كانت ترقص على كل نغمة تعبرها، لتتفتح بذلك علاقة حب للرقص فيها. كانت تحلم بإحتراف الرقص لكنها جوبهت بخوف الأب والأسرة عليها... أقنعتهم بدراسة الهندسة المعمارية صباحاً ودراسة الرقص مساءاً لكن والدها رفض أن ينظر في الأمر. تدخل وزير الثقافة أبانها عبدالله باذيب صديق الوالد وتمكن من إقناعه أخيراً بإلحاق أنيسة بأول معهد للفنون الجميلة لتكون بذلك جزء من الدفعة الأولى التي تخرجت في السبيعينات.. " تركيبة المجتمع في عدن مختلفه عن سواها" تقول أنيسة وتردف" الناس يحبون الغناء والرقص والفرح . كانت الموسيقى مفتاح للإستكشاف والإحتفاء بتنوع الوجوه، والتضاريس والطبيعة في اليمن"..
تستذكر أنيسة أستاذها البرت من الإتحاد السوفيني سابقاً الذي كان يدرسها ويمرنها هي وزملائها على فنون الرقص الكلاسيكي وعلى بعض الرقصات العالمية والفلوكلورية المسرحية في عدن. "كان الأستاذ البرت يتجول في القرى اليمنية ليستكشف الرقص الشعبي اليمني ويدمجها بالرقص الكلاسيكي، وكنا نحن طلابه نقدم الرقصات التي صممها في المسارح العربية والعالمية". عبر اللوحات الفنية الراقصة وبرفقة عازفي الفلكلور جابت أنيسة العالم عن طريق المعهد ولا حقاً عبرالفرقة الوطنية للفنون الشعبية التي كانت أحد مؤسسيها.
حينها اُستقبل الرقص اليمني في مهرجان قرطاج في تونس، ومن ثم في المغرب، بلغاريا والمانيا وغيرهم... كان قلبها يشدو رقصاُ أكثر من الهندسة المعمارية فمكنت نفسها بالتعليم الإكاديمي وبها حَلقت إلى الإتحاد السوفيني سابقاً عبر منحة من وزارة الثقافة لتحصد شهادة الماجستير في فن وإخراج المسرح الراقص. وفي اليمن الجنوبي كانت تمنح الدولة مراتب مختلفة للراقصين، وحصلت أنيسة على رتبة راقص أول في دولة اليمن الديمقراطية الشعبية.
عندما تركت أنيسة اليمن لإكمال تعليمها، كان الجنوب يمر بإضطرابات سياسية حتى إنفجرت الحرب الأهلية الدموية في 86. وبعدها بعامين بدأ الجنوب والشمال مفاوضات الإندماج في يمن واحد موحد " كانت الوحدة حلم تاق إليه الجميع، لكن محزن ما ألت إليه الأوضاع من رفض وتكفير للفن في الجنوب بعد الوحدة". على الرغم من التضييق والتهميش ضد الفنانون والفنانات في اليمن، إلا أنها  ترفض الإستسلام واليأس. لذلك مازلت أنيسة مخرجة الرقصات والتصميم تركض في كل حدبأ وصوب بحثاٌ عن مسرح يحتضن لوحاتها الراقصة التي تَدمج فيها الفلكلور اليمني بالرقص الحديث.
كنا نحتسي كوباً من القهوة في أحد مقاهي العاصمة السويدية استكهولم، عندما اسأل أنيسة، لماذا تصرين على الإستمرار على الرغم من سوداوية الوضع في اليمن فتقول بثقة " شوفي: إذا محينا كل الحدود المرسومة داخل الخريطة اليمنية، وتاهت بنا الطرق - لا نعرف شمالاُ من جنوباً، حينها سيعيينا الرقص اليمني الشعبي في كل قرية على إعادة رسم خريطتنا ، على ترسيم ذواتنا، تنوعنا، ثرائنا وهويتنا. وعوضاُ عن الإقتتال بسبب إختلافنا، سنحتفل ونرقص لها"

Saturday, March 5, 2016

فخ الحرب الباردة بين ايران والسعودية

لدي إشكالية في اعتماد المحليين المفرط على قضية الحرب الباردة بين إيران والسعودية لشرح اسباب اندلاع الحرب في اليمن. كأحد دارسي قضايا النزاعات والسلام، نعرف ان قرار إشعال الحروب تقوم على عمليات حسابية توزن فيها المحفزات والمكتسبات من تفجير حرب. ومن السذاجة أن نؤمن إيماناً مطلقا أن الحرب السعودية في اليمن دُفعت بناء على اسباب إقليمية فقط.

هذا الموقف لا ينكر وجود عامل إقليمي محفز لكن هذا العامل ليس كافيا لإتخاذ قرار سياسي خطير كالحرب. هذا الموقف يستنكر التقليل وفي أحياناً أخرى التجاهل للعوامل والحسابات الداخلية السياسية في بيت ال سعود. لأن هذه الحسابات الداخلية برأي، هي قادرة على شرح منطق المغامرة العسكرية المفاجاءة التي أقدمت عليها المملكة، بعد عقود من حروب بالوكالة. الى جانب العوامل الداخلية ، من المهم الغور في حالة الفتور التي شابت العلاقات الأمريكية السعودية بسبب سياسة إدارة اوباما التي اعتمدت مبدأ القيادة من الخلف في التعامل مع قضايا المنطقة. وبالتالي، دراسة المساومة التي تبادلها الطرفين للسماح بإستخدام القوة العسكرية في اليمن. 

إن تكرار نظرية النزاع الإقليمي بين إيران والسعودية يورطنا في التحول لأبواق للآلة الإعلامية السعودية، عبرإعادة سرد وجهه نظر أحد أطراف النزاع ( السعودية في هذه الحالة)وبالتالي، نمنح بوعي أو بدون وعي، الشرعية لذاك الطرف بأن يتصدى لهذه المواجهة الإقليمية الباردة ... وللأسف، يبدو أن الكثير من الخبراء قد وقعوا بالفعل في هذا الفخ.